ليست قضية الأخبار الزائفة Fake News، ظاهرة محلية فحسب، بل طفت على السطح الكثير من الأخبار الكاذبة التي انتشرت عبر الإعلام الاجتماعي، واخذ بعداً مهماً بعد تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي الذي قال فيه: "أنتم أخبار كاذبة" إلى مراسل قناة CNN، وكان هذا التصريح كفيلًا بنشر المصطلح عالمياً، وهذا يتوافق مع أكده ألبرتو أليمانو أستاذ القانون الأوروبي الذي قال من السهل نشر الأخبار الكاذبة على نطاق واسع وبتكاليف رمزية.. يتحدث عنها السياسيون وكأنها خطر ماثل على المجتمعات، ولكنهم لا يتحدثون عن الأسباب التي دفعت إلى نشأة الأخبار الكاذبة، وجعلت منها ظاهرة عامة.
وفي ظل غزارة الأخبار يسعى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى نشر الأخبار الكاذبة والترويج لها لتحقيق عده أهداف، فنجد المعلومات والصور ومقاطع الفيديو الكاذبة تنتشر بسرعة لتعمل على تغيير المواقف والاتجاهات وتشويه صورة الأخر مما يعمل على تضليل الجمهور وتشويه الحقائق.
كذلك التأثير السياسي، وتشويه صورة الشخصيات السياسية والاجتماعية لاسقاطها، وإضعاف قوة وسائل الإعلام وزعزعة ثقة الجمهور فيها، والتأثير عاطفيًا على مشاعر الجمهور وكسب تأييدهم إزاء قضايا قد لا تصب في مصلحتهم العامة، وأهداف أخرى، مثل زرع الفتنة باستفزاز شرائح معينة وإثارة الفوضى والشغب والنعرات الطائفية.
وحتى تستقيم مواجهة الكذب الإعلامي تبدوا التربية الإعلامية حلاً مثالياً يساهم في تعليم الجمهور أسس النقد الإعلامي، فعلى كل مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي بناء نموذج التحقق الخاص به وذلك بسؤال نفسه عدد من الأسئلة، وهي:
1. من؟ (المرسل).
2. يقول ماذا؟ (الرسالة/المضمون).
3. بأي طريقة؟ (الوسيلة/الوسيط).
4. إلى من؟ (المتلقي/المستخدم).
5. بأي تأثير؟ (رد الفعل/التغذية المرتدة).
ويعرف من درس الإعلام أن هذا نموذج "هارولد لاسويل" في وصفَ العملية الاتصالية، حيث يساعد هذا النموذج مع ما توفر من أدوات تحقق تقنية في تحليل وتقييم الأخبار والمضامين وكشف الخاطئ منها، ومعرفة أهداف الجهات التي تروج للأكاذيب.
إنَّ حاجة جميع أطياف المجتمع للتربية الإعلامية ماسة حيث تعمل التربية الإعلامية على الكشف عن الأخبار الساخرة التي لها القدرة على خداع الجمهور، وكذلك الأخبار المضللة التي يصعب ملاحظتها وتمرر داخل نشرات الأخبار ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، أو الأخبار التي تحمل عنوان ليس له أي ارتباط بالمضمون، والأخبار المُلفقة التي تحمل مضامين لا أساس لها من الصحة، أو الكشف عن التصريحات الوهمية عن طريق تصميم صفحات أو حسابات وهمية.
وضمن لجم الأخبار الكاذبة فقد لجأت العديد من الدول إلى إصدار قوانين ضد انتشار الأخبار الكاذبة، فمثلاً سنت فرنسا القوانين ضد الأخبار الكاذبة منذ عام 1881م، واستحدثت ألمانيا قانوناً ضد خطاب الكراهية على الإنترنت، سحبت الحكومة الهندية مشروع قانون كان يفرض وقف أي صحافي متهم بنشر أخبار كاذبة، من دون توضيح أو تعريف ماهية الأخبار الكاذبة. وطبقت ماليزيا قانوناً يفرض غرامات باهظة وأحكام سجن حتى ست سنوات على أي شخص ينشر أخباراً كاذبة على وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي حتى ولو كان من خارج البلاد، وعقوبة السجن 7 سنوات لكل من ينشر أخبار كاذبة في تايلاند، والسجن 20 عاماً في الفلبين لناشر الأخبار الكاذبة، وتدرس دول أوروبية مثل آيرلندا والسويد وجمهورية التشيكية قوانين مضادة للأخبار الكاذبة.
وأخيراً ضمن ممارسة التربية الإعلامية فلا بد من الالتفات إلى البعد الأخلاقي في العملية الإعلامية ومعرفة المسؤولية الاجتماعية والحرية المسؤولة وأخيراً الممارسة الإعلامية كحق مكفول.
ليست هناك تعليقات