ضمن المحتوى الإعلامي الرائج اليوم وتنوع قنوات الاتصال؛ ليس من السهل فرز الأخبار الحقيقية من الأخبار الكاذبة وخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بنا، ومشكلة الأخبار الكاذبة ليست في "العدد" بقدر ما هي بـ "الانتشار" و "ضعف القدرة على مواجهتها" لأن الجهات التي تُصدر الأخبار الكاذبة تعمل بكل جهد لاستخدام علم النفس ضد الجمهور، وهذا يفسر سبب انتشار المعلومات الخاطئة على الشبكات الاجتماعية بشكل سريع.
ضمن هذا السياق يمكن فهم سبب انتشار المحتوى العاطفي بشكل عالي، حيث تصبح المنصات الاجتماعية أشبه بمنصة عدوى عاطفية سريع التأثير، ويصبح التفكير الناقد وعلم النفس لدينا أقل عقلانية وهذا يقلل من قدرتنا على تمييز ما هو صحيح وما هو خطأ، ومن هنا ينتشر المحتوى الوهمي وتظهر الانحيازات المعرفية وهي اختصارات يستخدمها العقل، ويمكن لهذه التحيزات أن تجعل الإنسان يتصرف ضد مصلحته، أو يختار خيارات يراها الأكثر منطقية لكن في الحقيقة هي عكس ذلك، وتعمل الانحيازات على خداع العقل وتؤثر على اتخاذ القرارات، وخاصة بعد أن أصبح استخدامها شائعاً في السياسة، والمجتمع والتسويق والاقتصاد، ولأهميتها قال عنها "إيلون ماسك" أنه يجب على كل طفل أن يتعلم هذه الانحيازات المعرفية، ربما نستطيع أن نتعرف على ذواتنا بشكل أوضح، ونصبح أكثر عقلانية في اتخاذ القرارات. ولا نسمح لأحد بالتأثير على حياتنا وقراراتنا.
هذه المعرفة تؤسس لما عُرف باسم "المعرفة الرقمية" التي تُعد مؤشرًا للتنبؤ بقدرة الفرد على تمييز المعلومات الدقيقة من المعلومات الكاذبة، وتفيد في تصنيف الأخبار إلى حقيقية وكاذبة، ولكن غير مهمة في مسألة "المشاركة" فالقدرة على تميز لأخبار الكاذبة من الحقيقة لا تمنح صاحبها القدرة على عدم المشاركة، لأن عدم المشاركة مرتبطة بشكل أساسي في قدرة منصات التواصل الاجتماعي على تشتيت الانتباه والمشاركة في الـ TREND لذا تجد الأخبار والمنشورات الصادرة من منصات التواصل الاجتماعي تفاعلاً كبيراً وتناقلاً سريعًا بين منشوراتها وأخبارها، وينساق اهتمام الجمهور وراء التحقُّق الاجتماعي والتقييمات الأخرى، مثل عدد مرات الإعجاب التي ستحصل عليها منشوراتُهم، هذا معناه أننا ننسى أن نسأل أنفسنا في كثيرٍ من الأحيان عما إذا كان الخبر صحيحًا أم كاذباً عندما نريد أن نتخذ قرارًا سريعًا بشأن مشاركة الخبر من عدمه.
ويبقى الحل الأمثل في الحذر من المحتوى الذي يحتوي على بنية لغوية ضعيفة والأصل أن لا تثق في الأخبار التي تحاول إثارة المشاعر أو تحارب القيم الأخلاقية وخاصة إذا ما كان المحتوى يساهم في التمييز وجذب العواطف لإثارة الغضب أو الخوف أو الحزن أو يمس الهوية الاجتماعية "جنسيتنا وجنسنا وآرائنا" في طريقة تشعرنا بالخطر مما يخلق إحساسًا بالأعداء خارج مجموعتنا الذين يهددون وجودنا ذاته.
ليست هناك تعليقات