مع كل عام تنشط الجهات الإنتاجية بتقزيم وتخوين الإسلاميين في الدراما العربية، وتحديداً في شهر رمضان على اعتبار أن رمضان هو الموسم المثالي للعرض الدرامي في العالم العربي، فما يُعرض في شهر رمضان يكرر طوال العام.
لا يمكن النظر لعملية تخوين الإسلاميين على الشاشة على اعتبار أنها حدث عادي مستقل في سياقه عما يُمارس في الفضائيات تحديداً والمجتمعات عموماً؛ بل هو نتاج من عمليه طويلة تعمل على تشويه الرمز الديني والحضاري للأمة الاسلامية من خلال تكرار صور نمطية آخذه في التكرار منذ سنوات طويلة قائمة على نزع المجتمع من إرثه الحضاري.
وبصفتي مشاهدًا للمعروض الدرامي، فأنا لست داعياً أو طالب علم، ولكني مسلماً اعتز بهويتي الإسلامية وعروبتي فهما كيانان لا ينفصلان عن بعضهما، حيث المسلسلات بالشكل الحالي لم تعد تغضب من درج تسميتهم أصحاب برامج التوك الشو بأعداء الفن والحضارة والتقدم؛ بل أصبحت تثير سخط من يملك القليل من القيم والأخلاق الأصيلة بعد أن تأكد لهم أن ما يبث هو انقلاب حضاري على كل القيم والثوابت الوطنية وقيم العيش المشترك.
المشاهد الدرامية وعلى اختلافها تتضمن تخوين الإسلاميين على الشاشة وهي في تطور مستمر لا نعرف منتهاه، ولكن جلها مستمدة من الصورة الذهنية التي لا ينفك كُتاب ومخرجي دراما رمضان على تكرارها إسلاميين بلحى طويلة، وجلاليب قصيرة بيضاء طبعاً، أصحاب عيون مكتحلة ضيقة، ينظرون بريبة إلى كل ما يحيط بهم، صوتهم غليظ، يظهر غالباً غاضباً عابساً لا يثق بنفسه، لغته بسيطة، متقوقع على نفسه، ذو شارب محفوف لا تفارقه المسبحة، مزواج يستخدمون الدين بشكل انتهازي لتحقيق غايات شخصية محضة.
هذا الفهم القاصر الذي تقدمه الدراما نابع من تغول الفكر الليبرالي في كل مراحل الإنتاج، ولكن بشكل رئيس من ضعف التمويل للمشاريع القيمية في الاعلام، وغياب أصحاب القيم الإيجابية عن الانتاج الحضاري في المعروض التلفزيوني.
صورة المتدين في الدراما غلبت عليها العنف المفرط فكل ما يمكن جمعه وتداوله من مقاطع للإنتاج عربي تناول شخصية المتدين يلاحظ فيه أننا أمام تشويه متعمد للدين وكل ما ينقل هو الجانب السلبي فقط للمتدين فالإسلاميين ليسوا ملائكة بلا أخطاء وهم كغيرهم من البشر يصيبون ويخطئون؛ ولكن تسليط الضوء على السلبي هو الأبرز دراميًا عند تصوير الإسلاميين حيث يتم ربط العقيدة بالخرافات واستغلال البسطاء فيتحد الدين بالجهل في المرويات الدرامية العربية، أما في الصورة المستحدثة فالإسلامي شاب مستنير حليق محارب للجهل مع العصرنة في كل مسائل الدين مستخدماً جيداً لوسائل التواصل الاجتماعي.
في قضايا الصورة والربط الفكري ما بين الإرهاب والمتدين يتم الربط بشكل دائم بالرموز الظاهرة وهي الحجاب والنقاب واللحية والثوب الأبيض والمسبحة كأحد أشكال ورموز الإسلام السياسي وتربط مباشره بالإجرام وعمليات القتل وغسيل الأموال.
إن جميع المسلسلات الرمضانية المصرية والخليجية والتونسية والسورية والتي تعمل على شيطنة الإسلاميين من خلال قوالب جاهزة منها ما هو على مقاس داعس أو الإخوان المسلمين أو السلفيين أو السلفية الجهادية فهي تحارب بشكل رئيس المسلم البسيط في فكره ومعتقداته وثوابته ولا توجه هجومها نحو التيارات الإسلامية ولكن من باب الشيطة واضحاك الجمهور لا يتوانى كُتاب ومخرجي دراما رمضان عن شيطة الإسلاميين.
ليست هناك تعليقات