عرف الدكتور عبدالوهاب المسيري -رحمه الله - الفيديو كليب بأنه:" فيلم سينمائي قصير يحتوي على أغنية، ورقص، وشيء يشبه التمثيلية"، ومؤخراً بعد الضجة التي آثارتها شيما أحمد، بعد إصدار كليب "عندي ظروف"، لاحتوائه على العديد من الإيحاءات الجنسية، والرموز التي تشير إلى الرذيلة، حيث تجسد دور معلمة تدرس الرذيلة في مدرسة للشباب، فضلًا عما يحمله من إيحاءات جنسية باستخدام الفاكهة، سواء الموز أو التفاح، أو عن طريق سكب الحليب على الموز.
الفيديو كليب وما يحتويه ركز بشكل رئيسي على ظاهرة العُري، أنثى تغني وترقص وتتعري وتتلوي، ولخص المتعة في الفيديو كليب بأنها متعة ولذة جنسية ليس لها علاقة بعالم الموسيقى وجمال الطبيعة والعلاقات الإنسانية التي تدورها حولها القصة، لا بل حطم جماليات الفن والطرب العربي الأصيل، وأهان بشكل متعمد المرأة من خلال تنميطها وجعلها سلعة شهوانية تجذب ذوي القلوب المريضة حتى صار نجاح الفيديو كليب رهيناً بمدى جاذبية الجسد أو كما قلت صاحبة كليب الحصان "اللي تقلع أكثر تربح أكثر"!!
خلال السنوات الماضية، ظهرت نحو 12 فيديو كليب يمكن وصفها بأنها الأسوء عربياً أسهمت في تصعيد السعار وتصعيد الثقافة الاستهلاكية، وهذا ما أدركته تماماً صناعة الفيديو كليب الذي أخذت تنتشر متجه نحو الجسد دون القيمية الاجتماعية، والبحث عن المتعة الفردية دون المنفعة، وأصبح وجود الجسد لمراعاة قوانين العرض والطلب في سوق النخاسة الإعلامي، ليلامس رغبات جمهور مستهلك ومنتج يبحث عن المتعة الحسية في نشر السعار الجنسي، وكما نجحت الثقافة الاستهلاكية في تنميط المرأة من الناحية الشكلية فإنها تسعى لتنميط الرغبات في مستوى السلوك الإنساني ليصبح سلعة مباحة بمقابل أو بدون مقابل مالي.
إن أكبر مشكلة تواجه مدونة القيم والأخلاق في المجتمع العربي هو نشر المحتوى العربي "السفيه" على شبكات التواصل الاجتماعي، علماً إن الرقابة على المصنفات الفنية في أي دولة عربية وعالميًا لا تتحكم فيما يعرض على موقع يوتيوب، فليس هناك سلطة المنع أو الرقابة على الموقع، لذا يلجأ له كل من يريد تمرير أي عمل لعرض عمله على الشبكات الاجتماعية دون رقابة.
إن الاعتراض على الفيديو كليب الذي يقدم بالطريقة الحالية والتي أخذت تنتشر في الفضائيات العربية وشبكات التواصل الاجتماعي، ليست تدخلاً في الفن؛ فهي ليست فناً أو إبداعاً؛ وإنما هي شكل من أشكال الإباحية الذي يهدف إلى الاستغلال وتحقيق الربح، فالإثارة هي سر نجاح الكليبات الحالية، حيث قالت واحدة من صاحبات الكليبات: "لم يعد الغناء بمفرده يحقق نجاحاً مع جمهور الشباب خاصة بين الفنانات الجدد، ولا بد أن يكون هناك بعض من العري حتى يقبل الشباب على مشاهدة الفيديو كليب، ولكن ليس معنى ذلك ان تخلع المطربة كل ملابسها، وجمهور الشباب لا يحب إلا الأغنيات التي تغنيها مطربة مثيرة، أما غير ذلك فهو يغير المحطة على الفور ويبحث عن مطربة أخرى أكثر إثارة، وأنا لا اعرف سببا في مهاجمة المطربات المتحررات.. فلو صورت كليب وأنا محتشمة فلن يراني أو يسمعني أحد".
باختصار إنني أرى أن الفيديو كليب بالطريقة المبتذلة التي أخذت في الانتشار ما هو إلا شكل من أشكال ترويج الانهيار الأخلاقي وتعرية الجسد وإشعال الرغبات الجنسية لدى من في نفسه حب لمشاهد البورنو كليب ليستعذب الانهيار ويتحول العقل بفعل الحيوانية إلى لغة جسد مبتذلة وثقافة استهلاكية.
ليست هناك تعليقات