-->

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2019

وسائل التواصل وخطاب الكراهية


يُعرف خطاب التحريض بأنه كل خطاب دوني مبني على العنف اللفظي ويهدف إلى الاستهداف المعنوي للآخر واقصائه، من خلال الدعوة للقتل والعنف والشتم والسب والقذف والاهانة العنصرية والتعصب والاستعلاء. وتشمل خطابات الكراهية تحفيز واثارة المشاعر وتوجيها نحو سلوك يؤسس لثقافة مبنية على العنصرية والتمييز ضد الموجه نحوهم الخطاب ويتم من خلال منصات إعلامية وبيئة اجتماعية حاضنة.
المشكلة ليست وليدة الساعة بل لها امتداد سياسي واجتماعي فمثلاً في ميانمار استخدم القادة العسكريون والمتطرفون البوذيون وسائل التواصل الاجتماعي لإهانة وشيطنة أقلية الروهينغا المسلمة التي تشكل 2% وذلك قبل وأثناء حملات التطهير العرقي مدعين أن أقلية الروهينغا ستحل قريبًا محل الأغلبية البوذية وحسب لجنة تقصي الحقائق في الأمم المتحدة كان الفيسبوك أداة مفيدة لنشر الكراهية.
وفي الهند تنشط مجموعات Whatsapp لبذر أنواع العنف الطائفي ونشأت حالات كثيرة منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي إلى السلطة في عام 2014. وشهدت سريلانكا شائعات استهدفت أقلية التأميل المسلمة وبسببها منعت الحكومة الوصول إلى فيسبوك وWhatsApp، إضافة إلى تطبيق الفايبر قائلة أن فيسبوك لم يكن مستجيبًا بما فيه الكفاية خلال حالة الطوارئ.
ولمواجهة خطاب الكراهية والعنف على شبكات التواصل تعتمد الشبكات الاجتماعية على مزيج من الذكاء الاصطناعي، وتقارير المستخدمين والموظفين، علماً أن شركات التواصل الاجتماعي لا تهتم بالموارد بشكل متساو في العديد من الأسواق التي تنشط فيها ومع ذلك يبقى هذا المحتوى رائجاً حيث أثار العدد المتزايد من الهجمات على المهاجرين والأقليات المخاوف بشأن العلاقة بين الخطاب التحريضي على الإنترنت وأعمال العنف، وتعكس جرائم الكراهية المنتشرة التغيرات في المناخ السياسي والتي تشير بإمكان وسائل التواصل الاجتماعي تضخيم الخلاف إلى أقصى حالات التطرف.
النقاش اليوم فعّال بشأن الكيفية التي تضبط فيها الدول خطاب الكراهية على الشبكات الاجتماعية، والتوفيق بين قيم حرية التعبير وعدم التمييز..  في الولايات المتحدة تتمتع منصات التواصل الاجتماعي بصلاحيات واسعة، تضع كل منها معاييرها الخاصة بالمحتوى وأساليب تطبيقه. وتتبع منصات مراقبة المحتوى قانون آداب الاتصالات 1996 الذي يعفي المنصات التقنية من المسؤولية عن الخطاب العملي من قبل مستخدميها. وعلى سبيل المثال، يمكن مقاضاة المجلات والشبكات التلفزيونية لنشرها معلومات تشهيرية أو زائفة؛ ولكن في المقابل لا يمكن تطبيق القانون على منصات التواصل الاجتماعي عن المحتوى المتداول.
في الاتحاد الأوروبي تشرع كل دولة مسألة خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مختلف مع الالتزام ببعض المبادئ المشتركة ومنها مقاومة الخطاب الذي يحرض على الكراهية أو ينكر أو يقلل من الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والعنف ضد المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا جعلها قضية بارزة بشكل خاص، ووافقت شركات التكنولوجيا الأوربية على مدونة قواعد سلوك مع الاتحاد الأوروبي، وتعهدت فيها بمراجعة المشاركات التي أبلغ عنها المستخدمون وإزالة الانتهاكات في غضون أربع وعشرين ساعة. 
وفي الهند بموجب القواعد الجديدة لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن للحكومة أن تطلب من المنصات أن تتخلى عن الوظائف في غضون 24 ساعة بناءً على مجموعة واسعة من التبليغات وكذلك الحصول على هوية المستخدم.
في اليابان أصبح خطاب الكراهية موضوع التشريع والاجتهاد القضائي حيث تحدى نشطاء مناهضون للعنصرية التحريض القومي المتطرف ضد الكوريين، ومنذ عام 2016 هناك حظرًا وطنيًا على خطاب الكراهية حيث تبنت الحكومة نموذجًا مشابهًا لنموذج أوروبا وبدلاً من تحديد العقوبات الجنائية فإنها تفوض الحكومات البلدية مسؤولية القضاء على الأقوال والأفعال التمييزية غير العادلة ضد أشخاص من خارج اليابان. 
ومع الإيجابيات المتعددة لوسائل التواصل الاجتماعي إلا أن انتشار خطاب الكراهية في الدول العربية يمثل تحديًا أخلاقياً وتشريعياً وتنظيمياً؛ وفي الوقت الذي ساهمت فيه مواقع التواصل بالفعل في توسيع نطاق الحريات المتاحة للمستخدمين إلا أنها خلقت تحديات كبيرة حيث تمتلئ شبكات التواصل العربية بالصفحات المزوّرة والحسابات التي تروّج للعنف والتطرف والترويج لوجهات النظر المتطرفة، والأخبار الزائفة والحلول المتاحة في الوقت الحالي لا تتجاوز غرامات مالية وبرامج حجب وتعقب المصدر مع غياب لجهود التوعية الفعلية واقتلاع الفكرة من جذورها.

هناك تعليق واحد:

  1. موضوع مهم للغاية وتناول ثري أثمر عن مقال مفيد وممتع

    ردحذف

كافة الحقوق محفوظةلـ مدونة باسل النيرب 2016 | تصميم : رضا العبادي