-->

الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

لماذا ينطفئ الأردني!!

 

تعمل الحضارة الإنسانية على إنتاج الإنسان الفاعل وتُخرج منها الطاقة الإبداعية، والتربية والعلم هما المصدر الرئيس لرِفعة المجتمع؛ ومن دونهما يفشل الإنسان في المشاركة المجتمعية ويمارس دور الصعلوك مجبراً بعد أن فقد التربية والعلم وهما ثنائيان لا ينفصلان، فالكثير من حواضر العالم سقطت ليس بفعل ضربات السيوف أو المنجنيق أو حتى مرور أعتى الجيوش عليها بل الأمر مرهون بالإنسان الذي سقط أولاً ثم تبعه الحجارة، وفكر وتأمل في السؤال التالي: كيف سقطت القيروان وبغداد وسمرقند وغيرها من المدن الإسلامية التي كانت عامرة بالناس والعلم والعلماء؟

لذا فقراءة التاريخ مهمة لدراسة العبر ومعرفة مجريات الأحداث؛ وتروي لنا كُتب التاريخ حدثين مهمين الأول في موقف أحد الصحابة بغزوة أحد الذي قال وهو في نزاعة الأخير "لا عذر لكم إن خُلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تُطرف، والثاني في موقف عقيل بن أبي طالب الذي قال " صلاتي خلف علّي أقوم لديني وإن معاشي مع معاوية أقوم لحياتي".

في الأردن تكمن المشكلة في غياب الإدارة والإرادة فينطفئ الأردني لأنه أصبح منقسماً ما بين ثلاث أشكال، وهي: الأول: إرادة مستلبة لا حول لها ولا قوه، والثاني: تشكيل إنسان ممسوخ الإنسانية والضمير وهو بوق دون وعي وهم كُثر، والثالث عالم ومفكر ورغم قلتهم في المجتمع ولكن الحالة الصنمية التي عاشوا فيها وتنفيذ ما يملئ عليهم هي الأشد ضراراً على المجتمع الأردني من باقي الفئات، والنتيجة أصبح الأردني متفرج على المشهد العام وليس مشاركاً في مناشط الحياة بكل تشكيلاتها.

وضمن تحليل الأحداث الأردنية التي تظهر على الساحة الأردنية كالفقاعة وتختفي بسرعة يستوجب حرفياً ليس تحليل مواقف الجمهور الذي هو واضح في تعبيراته ومواقفة رغم أنه متفرج وليس مشارك في صناعة القرار؛ ولكن المهم تحليل مجريات كيفيه اتخاذ مثل هذه القرارات من قبل جهات لها خبرائها ومستشاريها فمثلاً دعوة عدد من "المهرجين" العرب لـ #مؤتمر_المؤثرين_العرب هو أمر بسيط تقوم به وكالة إعلان؛ ولكن الأجدر دعوة من هم قادرين على نقل صورة حضارية تمثل عمق التراث والحضارة وهم كُثر في الأردن فلا حاجة لاستقطاب راقصة ومهرج أو التعري للجذب السياحي.

وختاماً وإجابة على السؤال لماذا ينطفئ الأردني؟ فأقول:

ينطفئ الأردني لغياب الإرادة الواقعية في معالجة الأزمات اليومية، ولأن المسؤول يتحرك ويقود القاطرة وهو لا يعرف الطريق أو لديه بوصلة واضحة المسار، وعندما يتدخل المواطن الذي هو أصلا متفرج ويطلب الحديث أو يوجه سؤال لأي مسؤول يتم وصمة بعبارات الخيانة والتخوين، ولسان الحال يقول دائمًا مش شغلك يا مواطن. ينطفئ الأردني لأن من يجلس في بيت الشعب "البرلمان" يمثل مصالح ضيقة لا تتعدي دائرة انتخابية ضيقة جداً وبعيد عن هموم الوطن، ينطفئ لأن من يُقدم القرارات ويتخذها ما هو إلا سكرتير تنفيذي وليس مفكر قادر على القيادة والتطوير مع أنه له كامل الصلاحيات، لذا يبقى الخيار الوحيد لهذا الشعب العظيم العودة إلى التريبة في منابعها الأصلية والحرص التعلم وحتماً سوف يجد طريقة.


ليست هناك تعليقات

كافة الحقوق محفوظةلـ مدونة باسل النيرب 2016 | تصميم : رضا العبادي