-->

الأربعاء، 8 فبراير 2017

هل الحرب لعبة حزب الله؟!


يكثر الحديث في الجنوب اللبناني هذه الأيام عن احتمالات حرب مقبلة بين حزب الله وإسرائيل وذلك بعد خطاب حسن نصر الله عن صواريخ الحزب القادرة على ضرب أهداف مختلفة في دولة الاحتلال، كذلك في جنوب لبنان يظهر الخوف على الوجوه بسبب تعبئة وتجييش وتدريبات لمجموعات من حزب الله في إيران، فقد أكد حسن نصر الله من خلال المقابلة الحصرية التي بثتها قناة الجزيرة على جهوزية الحزب، والقوة الصاروخية الضاربة ومداها، وبنك الأهداف للمواقع الإسرائيلية التي يمكن لصواريخ الحزب أن تصيبها، كل هذا يجعلنا نؤكد أن مشروع الدمار الجديد لـِلبنان على يد الحزب بات قريباً أو ينتظر ما تسفر عنه مباحثات طهران وواشنطن حول العراق والمستجدات الجديدة بشأن الملف النووي الإيراني.
في أحداث الجنوب اللبناني يصعب التنبؤ بما سيجري وخاصة عند الحديث عن الحرب المقبلة التي نأخذ حيزاً كبيراً من أحاديث الناس، فالكهرباء مقطوعة معظم الوقت في قرى الجنوب اللبناني، والطرق ما زالت تنتظر الإسفلت والجسور تنتظر دورها هي الأخرى في البناء، ويتساءل أهالي الجنوب ما الذي يمنع وقوع حرب ثانية وخاصة بعد تصريحات الأمين العام للحزب بأن كل الأراضي المحتلة تحت يد صواريخه؟
الإنسان الجنوبي البسيط عندما يسمع حسن نصرالله يُعلن في حديث تلفزيوني خصص للتهديد أنه قادر على الوصول إلى كل بقعة من الأرض الفلسطينية المحتلة (ما بعد حيفا) هذا الحديث يجعل الجنوبي البسيط يلملم ما خف وزنه وما بقي من متاعه بعد انتهاء حرب تموز الماضية خوفاً من حرب لا تخصه أبداً، فقد تعود من خطب الحزب أن يطغى التشويق على القدرة التنفيذية للتهديدات.
فقبل نهاية حرب الصيف 2006 قال الحزب أنه جاهز لما بعد حيفا ثم نراه يقول لو يعرف أن أسر الجنديين يعمل هذا الدمار في لبنان ما قام بعملية الأسر، ثم بعد انتهاء الحرب ولوقوف رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة مع العواصم العربية التي قالت أن حركة حزب الله مغامرة غير مدروسة عمل على إسقاط الحكومة ولم ينجح في ذلك رغم أن أنصاره مازالوا معتصمون في شوارع بيروت.
وفق ما سبق يُمكننا الاستنتاج أن الحديث عن الحرب في خطب وتصريحات حسن نصر الله يعني أنها لن تقع لكن لا شيء مضمون في ما يخصّ الحزب لأنه مرتبط دائماً بحسابات إقليمية، فالمؤثر في القرار إيران وليس الحزب، فلا يمكن فصل الحزب عن إيران بأي طريقة ، إيران ترسل الصواريخ وتدرّب المقاتلين وتصدر الأوامر وبعد الخراب ترسل الدولارات للتعويض وإعادة البناء.
وتستمر إيران في دعم الحزب وخاصة المتطوعون الجدد، فمعروف في كل دول العالم أن من أراد أن يجند مقاتلاً شريفاً فأنه يعمل في العلن، أما من أراد أن يُجند مرتزقاً فإنه يعمل في الظل وبعيداً عن الأعين، فتنقل الروايات والقصص عن شباب جنوبيون جندوا بعد حالة البطالة العامة التي يمر بها العالم العربي عموماً، أما طريقة تجنيد الشباب للانخراط في الحزب فهي الأغرب حيث تعتمد على الطريقة المخابراتية فيتصل أحدهم من رقم سريّ بالشاب المطلوب تجنيده ويطلب لقاءه في مكان يحددانه معاً، يمكن للشاب أن يرفض اللقاء ولكن لا يستطيع بسبب السطوة التي يتمتع بها الحزب في عموم قرى الجنوب.
يتم اللقاء في المكان والزمان المحدد حيث يكون مندوب الحزب بثيابه السوداء ولحيته المشذّبة، ويجلس مع الشاب المطلوب ضمّه إلى المقاومة. في الغالب، لا يتصل الحزب إلا مع الشبان العاطلين من العمل، الذين يسهل استدراجهم وهم غالباً متعلمون ومتخرجون من الجامعات.
يبدأ الحديث حول الاختصاص ويبدي مندوب الحزب رغبة حزبه في ضمّ ذاك الشاب إلى صفوفه ليساعد في مجال الاختصاص الذي تخرج منه، ولا يتوقف الأمر عند التعاون، بل يذهب إلى حد المساعدة في الأعمال العسكرية، وحتى يستغل الحزب الدعاية التي سوقها أو سوقتها إسرائيل له خلال حرب 2006 تكون لغة الصواريخ حاضرة في كل الحوار بين الشابين فمطلوب من المجند الجديد حمل الصواريخ ونقلها من مكان إلى آخر في حال وقوع الحرب، ثم تكون هناك مجموعة من الأسئلة التي لا بدّ منها حول العلاقات وطبيعة الحياة وأسماء الأصدقاء.
ولا تنتهي فصول القصة فأحد الذين تمت مقابلتهم يقول عندما تحدث عن خوفه في القتال، وعدم قدرته على حمل السلاح، جاءته الإجابة من مندوب الحزب بعد الدورة، لا يعود للخوف مكان، والدورة تكون في إيران لمدة ثلاثة وثلاثين يوماً، هذه دورة عسكرية استثنائية للمتفرغين بشكل كامل لخدمة الحزب.
أما الذين لا يولون أهمية كبيرة للالتزامات الكبيرة الدينية والإيديولوجية، فيتمّ تدريبهم في لبنان، في معسكرات سرية ينقلون إليها في باصات معزولة لا يمكنهم رؤية شيء خلال الطريق إلى المعسكر، هؤلاء يكونون مثل فرقة احتياط في الحزب، فرقة لا يعوّل عليها كثيراً، لكنها تنفع في كثيراً، وقد قام الحزب بحسب ما يشاع في الجنوب بتدريب آلاف الشبان في تلك المعسكرات.
في العمل العسكري في حزب الله هناك ثلاثة خيارات للعمل، إما التفرغ الكامل أي الالتزام بكل ما يطلبه القادة في الحزب، والارتهان المطلق لقرارات الحزب إلهية، وإما نصف تفرغ، وهو التزام بدوام يومي يصل إلى خمس ساعات، أما الراتب في الحالتين فيختلف بين المتفرغ ونصف المتفرغ، أما الخيار الثالث فهو التطوع وتبرز الحاجة إلى هذا النوع في الحروب.
في خطط الحزب المفرطة في الدقة والتي أظهرت أنها خطط وهمية لا نطالب بأن تكون إسرائيل مرتاحة على أرضنا بل نطالب أن تتوحد البنادق وتتوحد الفكرة والهدف ويتوحد المنطق في التعامل مع الأحدث. نعم قد تصل صواريخ الحزب التي تمتلئ بها الثكنات إلى ما بعد حيفا ولكن الضربة ستكون موجعه لنا؛ ليس لقوة الردع الإسرائيلية فحسب بل لأن الذين يزجون البلاد والعباد في الحرب يعترفون بعد نهاية الدمار أنهم لو كانوا يعرفون النتائج لما فعلوا فعلتهم، فالقوة لا تصنع النصر ما لم يكن الإيمان هو الدافع الأساسي له وهذا هو الغائب في خطب حزب الله.

ليست هناك تعليقات

كافة الحقوق محفوظةلـ مدونة باسل النيرب 2016 | تصميم : رضا العبادي