شهدت السنوات التي تلت الاحتلال الأمريكي للعراق تغيرات هامة ليست على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي فحسب؛ ولكن أصاب هذا التغير الخطاب الإعلامي في المنطقة العربية "العراق تحديداً" فظهرت إلى الوجود قنوات جديدة حملت بين طياتها صور مختلفة من القيم، ما ميز هذه القيم خطابها الطائفي الواضح، حيث ظهرت قنوات مخصصة للجمهور الشيعي ولا تقدم إلا البرامج والعبارات والصيغ التي تناسب توجهات هذا الجمهور.
الصراع الطائفي
أدركت الولايات المتحدة في سعيها لتنفيذ مخططها الإمبراطوري بعد احتلال كل من أفغانستان والعراق ونشر المزيد من القواعد العسكرية في الخليج العربي، أن المنطقة العربية تستعصي على التبعية بشكل مباشر وذلك للحضور القوي للتيار الإسلامي، يسانده تيار آخر يعتمد في مرجعيته على ثوابت الأمة ومرجعيتها الثقافية والسياسية، وحتى تساهم الولايات المتحدة في تفكيك هذه الصلابة عمدت بمساعدة القوى الغازية إلى إنشاء محطات فضائية وإذاعية وإنشاء صحف وشراء أقلام وتبنى كُتاب جدد على الساحة الإعلامية عدا على حملات الدعاية المكثفة.
تلك الأدوات الإعلامية التي أدخلتها القوة الأمريكية إلى المنطقة باءت بالفشل وأمام هذا الفشل ما كان منها إلا أن أغرقت المنطقة بأتون الصراع الطائفي الإعلامي الذي يسعى إلى امتصاص طاقات الأمة من اجل إضعافها للسيطرة عليها، وساعدها على ذلك قوى محلية كانت دائماً حاضرة لمساندة مثل تلك الأفكار.
هذه الحروب الطائفية التي سعت لها الولايات المتحدة في العراق تحديداً جاءت بعد تعاظم دور المقاومة التي هي في أغلبها سنية، بل ويأتي خوفاً من الإدارة الأمريكية من تشكيل قاعدة إسلامية للمقاومة ضد المشروع الأمريكي في العراق تكون المناطق السنية قاعدتها، حيث لجأت إلى الورقة الطائفية تجنباً لخسارتها المتوقعة وبالتالي انهيار حلمها الإمبراطوري.
أخذت القنوات الشيعية غب بحر الفضائيات والمواقع الإلكترونية التي تبث من العراق أو من المناطق المجاورة ببث اعترافات لأشخاص من كافة الأعمار ومن مختلف الجنسيات وهم يدلون باعترافات حول عمليات الذبح والتفجير والخطف والقتل ضد مرتادي المزارات الشيعية في الغالب، وجُل المعترفين "بالجرائم" وإن لم يصرحوا بذلك كما حاول الإعلام الشيعي القول أنهم من أفراد أهل السنة الذين قالوا أو أجبروا على القول حيث لا فرق تحت سطوه التعذيب أنهم أخذوا مساعدات وأوامر من الخارج لضرب الشيعة في العراق.
ويُلاحظ من مشاهده المعترفين عبر الفضائيات العراقية آثار الضرب والتعذيب والخوف المتربص والعيون الهائمة بين جنبات حجرة التحقيق، وفي المقابل لم تورد أي من تلك القنوات آي من تصرفات منظمة بدر وما وجد في دهاليز وزارة الداخلية العراقية من تعذيب وقتل منظم لأهل السنة العراقيين، وخاصة منهم العلماء والمثقفين وأساتذة الجامعات الذين وجدوا في صناديق الموز أو على طرقات بغداد، فما كان من دور تلك الجهات الإعلامية إلا التحشيد الطائفي لدعم الشيعة على السنة وتطهير العراق منهم.
وقبل الدخول في مواقف الهيئات العالمية من موضوع الصراع الطائفي في الإعلام لا بد من أدارج ملاحظة أساسية تتمثل في تقسيم التعامل الإعلامي الطائفي مع الشأن العراقي على مرحلتين:
1) المرحلة الأولى منذ دخول قوات الغزو والتي بدأت بالانتقام العشوائي من قبل بعض الوسائل الإعلامية التي استنكرت ما فعلة النظام العراقي السابق من قمع وقتل متناسية تلك الفضائيات أن الجميع في عراق ما قبل الغزو عانى من الحكم السابق بكل مرارة واستمرت إلى ما بعد مقتل محمد باقر الحكيم، ومن ثم أخذت الأحداث منحى آخر فقد جمعت القوى الإعلامية الشيعية نفسها وبدأت بتنظيم عملها بشكل أكبر فتزايد عدد المحطات الفضائية والإذاعية والمواقع الإلكترونية التي تُمجد الوجود الشيعي في العراق لا بل تعتبره أساس النهوض القادم للعراق.
2) المرحلة الثانية جاءت بعد تفجير قبة الإمامين الهادي والعسكري في سامراء والتحريض الذي مارسته تلك القنوات والمواقع الإلكترونية بشكل علني وسافر مما أسفر عن مهاجمة أكثر من 150 مسجداً سنياً وإحراقها وامتدت تلك المواجهة إلى البصرة في جنوب العراق ذات الأغلبية الشيعية وتواصلت حالات القتل الطائفي
وفيي كلا المرحلتين واصلت الوسائل الإعلامية العراقية انقسامها ما بين الولاء للمهنة وما بين الولاء للطائفة، فنجد الكثير من الأناشيد والأفلام عادت تكرار "المرارات الشيعية" عبر التاريخ معتبرين أنفسهم ضحايا.
الموقف القانوني
عمد أفراد وهيئات المجتمع الدولي على اجتثاث جذور التمييز وأسبابه في القوانين التي تقرها المنظمات الدولية، وألقى المجتمع الدولي على عاتق الإعلام مسؤولية كبيرة في نشر قيم التسامح والتفاهم بين الأفراد والجماعات. حيث دعت المادة الثامنة من إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ونصها على الدول أن تعمد "فوراً إلى اتخاذ جميع التدابير الفعلية اللازمة في ميادين التعليم والتربية والإعلام للقضاء على التمييز العنصري وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة بين الأمم والجماعات العرقية ..."، فيما دعا البند الثالث من المادة الخامسة من الإعلان بشأن العنصرية وسائل الإعلام الجماهيري والمهيمنين عليها والعاملين في خدمتها وجميع الفئات المنظمة داخل المجتمعات على العمل على تعزيز التفاهم والتسامح والود فيما بين الأفراد والجماعات، مع المراعاة التامة للمبادئ التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولاسيما مبدأ حرية التعبير.
ودعت المادة الرابعة من إعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب وسائل الإعلام إلى أن تسهم "بدور أساسي في تربية الشباب بروح السلام والعدالة والحرية الاحترام المتبادل والتفاهم، بغية تعزيز حقوق الإنسان والمساواة في الحقوق بين جميع البشر وجميع الأمم والتقدم الاقتصادي والاجتماعي. ولها أيضاً دور هام تؤديه في التعريف بوجهات نظر الجيل الناهض وتطلعاته".
وحدد الإعلان الصادر عن الاتحاد الدولي للصحفيين معيار السلوك الوظيفي الذي يجب أن يلتزم به الصحفيون أثناء جمعهم وبثهم ونشرهم وتعليقهم على الأخبار والمعلومات المصورة للأحداث. وأكد على أن ضرورة احترام الحقيقة وحق الجمهور في معرفة الحقيقة هو الواجب الأول للصحفي. وطالب الصحفي بأن يعي خطر التمييز الذي تعززه وسائل الإعلام، وأن يبذل ما بوسعه لتجنب تسهيل مثل هذا التمييز الذي يعتمد، من بين أشياء أخرى، على العرق، الجنس، اللغة، الدين، الرأي السياسي، الأصل الوطني أو الاجتماعي. وحذر الإعلان الصحفيين من ارتكاب المخالفات المهنية الجسيمة والتي حددها بالانتحال، تشويه الحقائق، الافتراء، القذف، التشهير، الاتهامات الباطلة، قبول الرشوة بأي شكل مقابل النشر أو حجب المعلومات.
عند الحديث عن مبدأ حرية الرأي والتعبير، ورغم التأكيد على أن الأصل في هذا المبدأ هو إشاعته، وليس تقييده، إلا أن إشاعة هذا الحق توجب علينا أن نحمي حقوق الآخرين ونصونها. لهذا فقد نصت الفقرة الثانية من المادة التاسعة والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على عدم خضوع "أي فرد في ممارسة حقوقه وحرياته إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفاً منها، حصراً ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي".
وحددت المادة التاسعة عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الثالثة ضرورة احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ووضعت قيوداً على حرية التعبير في حال تعارض هذا المبدأ الأساسي مع "الآمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة". كما حظرت المادة العشرون من العهد نفسه "أية دعاية للحرب، وأية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف".
لقد أولى المجتمع الدولي قضية حرية الرأي والتعبير أهمية خاصة وضمنها في الكثير من الإعلانات والمعاهدات والمواثيق الدولية، واعتبرها من الحقوق الأساسية للإنسان. إلا أنه، وفي الوقت نفسه، حرص على الحفاظ على حقوق الآخرين وسمعتهم، وحظر أي دعوة للكراهية أو العنصرية أو الدينية، وأي تحريض على العداوة أو العنف، وأولى المجتمع الدولي الإعلامَ أهمية ودوراً خاصين في هذا المضمار، (الموقف من الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم)، وقد لاحظنا أن هناك عدة إعلانات دولية صدرت بهذا الشأن، وربطت هذه الإعلانات بين الحق في حرية الرأي والتعبير وبين حقوق الآخرين، وبين تعميم قيم التسامح بكافة أشكاله؛ إلا أن هناك خيطاً رفيعاً يفصل ويجمع في آن واحد معاً، بين مبدأ الحق في حرية الرأي والتعبير، وبين الحفاظ على حقوق الآخرين من جهة، وبين مبدأ الحق في حرية الرأي والتعبير وبين التعبير عن مفاهيم غير إنسانية، كالكراهية مثلاً من جهة ثانية، إذ إن التعبير عن الكراهية يمكن أن يدخله بعض مروجيه في إطار مبدأ الحق في حرية التعبير.
المال الأمريكي
وفي محاولة لخلط الأوراق استعمل المال الأمريكي لاختراق الإعلام العراقي، وتعبئة المواطن باتجاه قبول المحتل، وتنفيذ خططه العسكرية والسياسية في العراق. وحسب المصادر الأمريكية فقد أنفق أكثر من 16 مليون دولار على الإعلانات في التلفزيون العراقي، واللوحات الإعلانية في الشوارع والساحات. وتطور الجيش الأمريكي في تقديم الدعم المادي لبعض وسائل الإعلام العراقية بنشر تقارير دعائية له، وحاول استخدامها للتأثير في الصحافة من جهة، ومحاربة الإعلام الوطني من جهة أخرى تحت منابر ونواد وروابط وجمعيات مشبوهة، ومنها بث وزارة الدفاع الأمريكية رسائل موالية للولايات المتحدة في وسائل الإعلام العراقية بميزانية تقدر بـ30 مليون دولار من قبل ثلاث شركات فازت بهذه العقود ومنها شركة (لنكولن جروب) التي اعترفت بتقديم مبالغ مالية سرية للصحفيين ووسائل الإعلام لنشر قصص صحفية مؤيدة لأمريكا في العراق.
حاول المحتل الأمريكي أن ينشئ بيئة إعلامية صراعيّة غير صحيّة، ويستثمرها لمصالحه السياسية وأجندته الخاصة، ويخترق وعي ومدركات المواطن من خلال استغلاله لحاجات الإنسان العراقي في ما يتعلق بحرية التعبير، وتعطشه للديمقراطية بعد سنوات من المركزية الشديدة للإعلام، وإغلاق منافذ حرية التعبير، وافتقاده إلى التعددية الحزبية والإعلامية. لذلك كان من حق المواطن العراقي أن تدهشه الحريات الإعلامية المستوردة مهما كانت صورها وأساليبها وأجندتها، ويمارسها بطرق عديدة بعضها مؤذية بحق الوطن وأخرى إيجابية للتعبير عن أفكاره وممارساته.
ولعب المال الأمريكي دوراً في المشهد الإعلامي العراقي المرتبط بالمشهد السياسي أخذاً وعطاءً، هو مشهد مؤلم حاول المحتل تغذيته بخطاب إعلامي تحريضي يستند إلى فلسفة المحاصصة المذهبية والعرقية والإقصاء السياسي، وتكريس للنظرية السيكولوجية (التنفيس) من خلال فتح قنوات التعبير وتشجيعها بما يحقق للمحتل مصالحه السياسية وأجندته السرية.
فإذا كانت تفجيرات الفتنة الطائفية لقتل الأبرياء في صورة السيارات المفخخة تشكل جريمة بحق الشعب والوطن، فإن تفجيرات (الفتنة الإعلامية) التي تم تفخيخها داخل وسائل الإعلام العراقية وبالذات الفضائيات هي الأخرى جريمة بشعة لا تقل عن جريمة قتل العراقي بدم بارد، لأنها تحاول إيقاظ الفتنة والتحريض من خلال خطاب إعلامي مؤجج ومبرمج لمصلحة الانتماء الطائفي والعرقي، فنحن نشهد اليوم ظهور صحف حزبية ودينية ذات ولاءات طائفية تشيع ثقافة الولاء للطائفة، وصحف مستقلة وحزبية تبرر للمحتل وجوده وممارساته القمعية.
أما الأخطر هو تسابق الأحزاب والطوائف والمذاهب على إنشاء إذاعات وفضائيات، معظمها تبشر بثقافة الطائفة الشيعية وتلغي الآخر، تحت مبررات عديدة، مرة بتهميشها من المذهب الآخر، ومرة بتكفيرها من الطائفة الأخرى، لتضاف للمشهد الجديد فتنة حريق الإعلام الطائفي الأجنبي، ويصبح المشهد العراقي مشهداً إعلامياً صراعياً بين الطوائف والقوميات والأديان.
في الخطاب الطائفي
إن التعددية الإعلامية في التعبير وتنوع الرسائل الإعلامية في المجتمع ضرورية، وهي حالة صحية وإنسانية، ولكن ينبغي استثمارها لبناء ثقافة جديدة للإنسان العراقي تعمق لديه مفهوم التوافق الوطني، ووحدة الولاء للوطن قبل الولاء للمذهب والقبيلة والعرق. ومن المؤسف أن الفضائيات الشيعية لا ترى العراق إلا من خلال تخندقها لطائفتها، ولا ترى الآخر إلا بمنظار فئوي، بل إن بعضها يحاول تأجيج الصراعات الطائفية وتعميقها، والبعض الآخر يحرّض على العنف، دون الاقتراب من القواسم المشتركة وإيجابياتها، ومن المؤسف أن هذه الفضائيات تقف وراء تمويلها جهات خارجية ألوانها سياسية وطائفية.
موضوعياً، لازال خطاب الإعلام العراقي الشيعي منه؛ لا يزال خطاباً تحريضياً وصراعياً، رغم تنوع رسائله ووسائله الإعلامية، من خلال إعادة إنتاج الخطاب الديني - السياسي، بمعنى إن الإعلام الشيعي أخذ على عاتقه خلط الأوراق من خلال مزج خصائص الدعاية السياسية بخصائص الدعاية الدينية، وإنتاج خطاب ديني - سياسي يعتمد على التوجهات والتأويلات والتفسيرات للإسلام الشيعي، هذا الخطاب يروج للاستعداء الديني، والإستعلاء القومي، وتقديم صورة مشوهة للدين الإسلامي كمنظومة شاملة، وكرسالة سماوية تدعو إلى التسامح والمساواة بين البشر، والاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، كل هذا يتم من خلال فبركة الأخبار الإعلامية، وتزوير التقارير التلفزيونية، والتعليق الإنشائي العاطفي والحماسي، وتقديم المعلومة الخاطئة والمشوهة قصداً.
إن المشاهد الاعتيادي، المستقبل للرسالة الإعلامية من هذه القنوات، قد لا ينتبه لطبيعة هذا الخطاب المزدوج ولخطورته، لاسيما وأن هذه القنوات وارتباطا بأهدافها السياسية والدينية، عدا على أنها تقدم برامج ترفيهية أو موسيقية "إنشادية" أو أفلام درامية متوافقة مع خط النشرات الإخبارية والبرامج الحوارية التي تعتمد على استضافة شخصيات سياسية، غير مهمة وفاقدة للمصداقية في الكثير من الأحيان، لمناقشة محاور سياسية مهمة وحيوية بالنسبة للمشاهد العراقي تحديداً.
إن امتلاك حرية التعبير الموجه ينبغي استثمارها لبناء ثقافة جديدة للإنسان العراقي، وتعميق مفهوم التوافق الوطني على قضايا الوطن وأمنه ووجوده، بدءاً من إنهاء الاحتلال، وإعادة بناء الوطن، وتعميق الولاء للوطن قبل الولاء للمذهب والقبيلة والعرق، ومحاربة الفساد والهدر في ثروات العراق، وإشاعة ثقافة التسامح والوحدة الوطنية، وتثقيف المواطن على ممارسة الديمقراطية واحترام الرأي الآخر، وتعميق القواسم المشتركة الإيجابية بين فئات الشعب في ما يتعلق بوحدة المصير ونبذ العنف بأشكاله كافة، والأهم من ذلك أن يكون الإعلام العراقي هو صوت العراق الحقيقي، وصوت الشعب العراقي بأقلياته المذهبية والدينية، وصوت الخلاص من الاحتلال الأجنبي.
ليست هناك تعليقات