في مواجهة نظريات المؤامرة الفيروسية، وإنكار تغير المناخ، والحركات المتطرفة، والجماعات المناهضة التي تتغذى على المعلومات الكاذبة عبر الإنترنت؛ اتخذت منصات وسائل التواصل الاجتماعي خطوات في السنوات الأخيرة للحد من انتشار الأخبار الكاذبة، ولكن يبقى نشر البودكاست "المدونات الصوتية" مكاناً خصباً لانتشار المعلومات الخاطئة على الرغم من تنظيم البودكاست ومعايرة في طبيعة المحتوى.
تمت صياغة مصطلح "البودكاست" لأول مرة عام 2004 لوصف الاتجاه الناشئ في الصوت الذي سمح للمستهلكين بالاشتراك في المحتوى التسلسلي وتشغيله في أي وقت من خلال جهاز نمط MP3، مثل iPod وتطور البودكاست من اتفاقيات البث الإذاعي الحواري، ولكن بدلاً من الاعتماد على الراديو الأرضي أو الرقمي، تم نشر المستخدمين الأوائل للوسيلة من خلال موجزات RSS التي يمكن للمستخدمين الاشتراك فيها مباشرة للوصول إلى المحتوى.
وساعدت بنية RSS مفتوحة المصدر على إلغاء لوائح البرمجة وقيود حجم المحتوى المرتبطة بوقت البث المتاح، ولم يعد المنتجون بحاجة إلى أجهزة إرسال أو تراخيص أو الوصول إلى الاستوديوهات من أجل البث. في هذه الوسيلة، فأي شخص يمكن أن يكون الناشر، وأن يكون مذيعاً".
بالنظر إلى الانتشار الواسع والمتنامي للبودكاست، والقدرة على نشر معلومات مضللة؛ يُطرح سؤال لماذا أفلت هذا الفضاء إلى حد كبير من نقاشات المراقبة والتقييم؟ وللإجابة على هذا السؤال أوردها في هذه النقاط.
- طبيعة العلاقة ما بين الناشر والجمهور البودكاست تشترك كثيرًا مع منصات الوسائط الاجتماعية، إلا أن العلاقة بين الناشر والجمهور تشبه إلى حد كبير منصات الوسائط التقليدية مثل الراديو أو التلفزيون، فيمكن لأي شخص نشر المحتوى، لكن لا يستطيع الجمهور الاستجابة له بشكل مباشر، مما يقلل من قدرة الجمهور على التحقق من المعلومات الخاطئة كما يفعل على تويتر، أي يمكن التخلص من حارس البوابة الذي يحدد من يمكنه مشاركة المحتوى، البودكاست على عكس منصات الوسائط الاجتماعية لا توجد إمكانية فورية للنقاش العام.
- يستخدم استراتيجية قائمة على URL لتحديد المجالات منخفضة الجودة المنشورة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. تمثل الطبيعة القائمة على الصوت لوسط البث الصوتي عقبة أمام هذا النهج. يمكن تحليل محتوى الكلمات المنطوقة باستخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية، وغالبًا ما يكون نسخ المحتوى لساعات طويلة ومكلفة قبل التحليل والعثور على معلومات خاطئة داخل تلك المجموعة يشبه البحث عن إبرة في كومة قش لذا يمكن دفن المعلومات الزائفة ضمن كميات هائلة من النص المكتوب التي يمكن تفويتها بسهولة.
- نقص اهتمام الباحثين وصانعي السياسات بالبودكاست لسوء فهم الوسيلة.
- العلاقة ما بين صاحب البودكاست والجمهور علاقة خاصة لذا سيكون الجمهور أكثر ميلًا لتصديق الأكاذيب.
لا تحظى مشكلة البودكاست بالتقدير الكافي عند نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المظللة وتتطلب تغييرات على مستوى البنية التحتية وذلك لاختلاف سياسات الإشراف على المحتوى المعمول بها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى بسبب القيود المتعلقة بمشاركة الجمهور وطبيعة آليات توزيع البودكاست، ويعتمد موزعو البودكاست إلى حد كبير على "الجمهور" لتحديد المحتوى المرفوض، لكن عملية الإبلاغ عن هذه المواد كمستمع ليست مباشرة، بل تتم عن طريق تطبيق البودكاست من Apple وكذلك Spotify التي تمكن المستخدمين الإبلاغ عن مخاوفهم بشأن الحلقات.
وتمثل طبيعة موجز RSS، المفتوح المصدر ويمكن الوصول إليه عن طريق التصميم، عقبة كبيرة أمام الإشراف على المحتوى. على سبيل المثال، تطبيق البث الصوتي من Apple أحد أكثر التطبيقات استخدامًا لبث الحلقات، وبمجرد الموافقة على الخلاصة فإنها لا تتحكم في المحتوى المضاف إلى هذه الخلاصات.
ختاماً أظهر انتشار المعلومات المضللة قدرتها التداولية، وتمثل المدونات الصوتية وسيلة لا تحظى بالتقدير الكافي تنتشر من خلالها هذه المعلومات، والأهم تحديد الحلول المناسبة لمعالجة انتشار المعلومات المضللة داخل مساحة البث الصوتي.
ليست هناك تعليقات