-->

الخميس، 2 سبتمبر 2021

التلاعب بالعقول

 


كان لأحد الأشخاص خروفًا أراد بيعه فأخذه إلى السوق، فشاهده أربع لصوص أتفقوا أن يسرقوا منه الخروف بأسلوب ذكي، ‏فتقاسموا الجلوس على جانب الطريق المؤدية للسوق التي سيمر منها صاحب الخروف، فجلس الأول بداية الطريق المؤدي للسوق، وجلس الثاني في ربع الطريق، وجلس الثالث بعد منتصف الطريق، وجلس الرابع قبل نهاية الطريق بقليل. 

مّر صاحب الخروف من جانب اللص الأول، وألقى عليه السلام فرد اللص السلام ‏وبادره بالسؤال: لماذا تربط هذا الكلب وتقوده خلفك؟ فالتفت صاحب الخروف إلى اللص وقال له: هذا ليس كلبًا إنه خروف سأذهب لبيعه في السوق ثم تركه وانصرف، وبعد مسافة التقى باللص الثاني وسأله: لماذا تربط هذا الكلب وتقوده خلفك؟

‏نظر إلى اللص وقال له: هذا خروف وأنا ذاهب لأبيعه في السوق، وتركه وانصرف، ولكن الشك بدأ يتسرب إلى قلبه فأخذ يتحسس الخروف ليتأكد هل هو كلب فعلاً كما سمع من الرجلين أم أنه خروفًا كما يعتقد؟ وبعد مسافة التقى باللص الثالث: ‏وسأله نفس الأسئلة السابقة: لماذا تربط الكلب خلفك؟

فأندهش صاحب الخروف وزادت حيرته ونظر إلى اللص ثم انصرف ولم يجبه على سؤاله لأنه بدأ يتأكد أنه يقود كلباً وليس خروفاً، وبعد مسافة التقى باللص الرابع فسلم عليه وباشره قائلاً: لماذا تربط الكلب وتقوده خلفك؟

‏هنا تأكد صاحب الخروف أنه يقود كلباً وليس خروفاً، فليس من المعقول أن يكون الأشخاص الأربعة كاذبون، ثم التفت إلى اللص وقال له: لقد كنت في عجلة من أمري فاعتقدت أن هذا الكلب خروفاً فربطته لأذهب به إلى السوق لأبيعه، ولم يتبين لي أنه كلب إلا الآن. ‏ثم فك وثاق الخروف وأطلق سراحه وعاد إلى بيته يبحث عن خروفه فأخذ اللصوص الخروف وانصرفوا. 

ربما تكون القصة غير صحيحة؛ ولكن أحداث هذه القصة تتكرر كثيراً وبشكل مختلف عبر وسائل الإعلام المختلفة، وهكذا يتم صناعة الرأي العام والتضليل من قبل المحترفين عبر وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، يفعلون كُل ما يمكن لتزييف وقلب للحقائق وصناعة المشهد التمثيلي للخداع واللعب بالعقول.

والخلاصة: لا تترك قناعاتك وثقافتك تحت تصرفات اللصوص، وأن تبقَى بوعيك ولا تنجرف خلف هذا الانحطاطِ، وألا تكون محايدًا بين الحق والباطل فيتطابق الخير والشَّر؛ والعدل والظلم؛ فتُصبح أعمى وخاصة أمام المتلاعبين بالعقول.


ليست هناك تعليقات

كافة الحقوق محفوظةلـ مدونة باسل النيرب 2016 | تصميم : رضا العبادي